تدبر القرآن من عوامل الثبات
إن الثبات على دين الله دليل على سلامة المنهج وداعية إلى الثقة به،كما أن الثبات على الدين
ضريبة النصر والتمكين وهو يعني الاستقامة على الهدف والتمسك بالتقى.
ومن بعض العوامل المعينة على الثبات الإعتصام بالكتاب والسنة والتمسك بما فيهما، فهما نور
وضياء يهتدي بنورهما أولوا الألباب، وما فتئ المصطفى صلى الله عليه وسلم يدعوا أمته
للتمسك بهما والرجوع إليهما حتى وافاه اليقين ومما قاله عليه الصلاة والسلام (تركت فيكم أمرين
لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي).
فكتاب الله هو وسيلة التثبيت الأولى للمؤمنين،ولقد أنزل الله القرآن منجما ومفصلا،وجعل الغاية
منه هي التثبيت لقلب النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى:<وقال الذين كفروا لولا أنزل عليه
القرءان جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا>-32الفرقان-
وأخبر بأنه أنزل هذا الكتاب تثبيتا للمؤمنين فقال تعالى:<قل نزله روح القدس من ربك بالحق
ليثبت الذين ءامنوا..>-102النحل-
إن القرآن الكريم أعظم مصدر للتثبيت لأنه يزرع الإيمان ويقوي الصلة بالله، كما أنهالعاصم من
الفتن وكيد الشيطان وغوايته، كما أنه يزود المسلم بالتصورات والقيم الصحيحة التي يستطيع
على ضوئها أن يُقوِّم الأوضاع من حوله تقييما صحيحا، كما أن القرآن بما اشتمل عليه من أحكام
وأصول وقصص وقواعد وحكم،يرد على الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين
ومن سار على دربهم.
فإن عُلم ذلك كله لزم على من أراد الثبات في الدنيا والآخرة والفوز بالنعيم المقيم،أن يتخذ القرآن
أنيسه وأن يجعله رفيقه وجليسه على مر الليالي وتتابع الأيام،فلا يقتصر على النظر فيه، بل يحمل
نفسه على تدبره والعمل به، والله سبحانه وتعالى دعانا إلى التدبر فقال:<كتاب أنزلناه إليك مبارك
ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب>-29ص-
وقال تعالى:<أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوب أقفالها>.
والتدبر كما قال ابن القيم:تحديق ناظر القلب إلى معانيه،وجمع الفكر على تدبره وتعقله.
وقيل في معناه:هو التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلام ومراميه البعيدة.
وكان الفضيل رحمه الله يقول:إنما أنزل القرآن ليُعمل به فاتخذ الناس قراءته عملا،قيل:كيف العمل
به؟قال:ليحلوا حلاله ويحرموا حرامه،ويأتمروا بأوامره وينتهوا عن نواهيه،ويقفوا عند عجائبه